Submit URL Free to Search Engines مدونة أقباط سابقون: هل يسوع فعلا موجود

الأحد، 12 يوليو 2009

هل يسوع فعلا موجود
























من هو يسوع و ما هي المصادر التي ذكرته؟؟؟ هل كان يسوع موجودا؟؟؟ هل كانت حكايته كما يصورها العهد الجديد أم أن هذه الصورة مختلقة؟؟؟؟ هل كان يسوع نبيا أم كان
مصلحا اجتماعيا؟؟؟ هل كان يسوع مصلحا اجتماعيا أم أنه رأى نهاية العالم قادمة؟؟؟؟ ماذا تقول المصادر عنه؟؟؟؟
من هم المسيحيون ؟؟؟ متى وكيف كانت نشأتهم ؟؟؟؟ كيف تكون الدين المسيحي؟؟؟
هل هناك أجوبة عن هذه الأسئلة؟؟؟؟
لدى البحث عن مصادر و أخبار يسوع و المسيحية في القرن الأول الميلادي نصل إلى قسمين من المصادر و هي المصادر المسيحية و المصادر الغير مسيحية.

- المصادر المسيحية:
تنقسم المصادر المسيحية إلى قسمين : المصادر التي تعتمدها المسيحية كمصادر موثقة و المصادر التي لا تعتمدها المسيحية كموثقة.
1 – 1 - المصادر الغير موثقة كنسيا: و هي عديدة و أهمها:
- ابوكريفا العهد الجديد التي لم يتم ضمها الى العهد الجديد و
- كتابات الحواريين الآباء و منها رسائل كليمنز و رسائل اغناطيوس و رسالة برناباس و غيرهم و
- المصادر الشفهية. أي الروايات التي تم تداولها شفهيا.

في الفترة الأولى من البحث النقدي للمسيحية تجاهل الكثير من الباحثين هذه المصادر أسوة بالبحث التاريخي الكنسي و لكن تزايد خلال القرن الأخير اعتماد هذه الوثائق كمصادر تتساوى في جديتها مع المصادر الموثقة كنسيا و السبب في ذلك يعود إلى تشابه المصادر الموثقة كنسيا في بعض النقاط مع المصادر الغير موثقة كنسيا.

1 – 2 - المصادر الموثقة كنسيا: و هي
- إنجيل مرقس الذي يُعتقد أن تدوينه يعود إلى سبعينات القرن الأول الميلادي.
- إنجيل متى الذي يُعتقد أن تدوينه يعود إلى ثمانينات و تسعينات القرن الأول الميلادي.
- إنجيل لوقا الذي يُعتقد أن تدوينه تم بين سبعينات القرن الأول الميلادي و منتصف القرن الثاني.
- إنجيل يوحنا الذي يُعتقد أن تدوينه تم حوالي نهاية القرن الأول و بداية القرن الثاني الميلادي.

هذه الأناجيل الأربعة موثقة كنسيا و موجودة في كتاب العهد الجديد.
- إنجيل توماس: تم العثور على إنجيل توماس حوالي العام 1945 في مصر و هو يحتوي على مجموعة من الأمثال القبطية. لا يحتوي هذا الإنجيل على حكاية حياة يسوع و لا عن أعماله و لا عجائبه (المزعومة) و لا عن قيامه من بين الأموات. يُعتقد أن تدوين هذا الإنجيل قد حصل في نهاية القرن الأول الميلادي. يتضمن هذا الإنجيل بشكل أساسي عدة أفكار منها أن يسوع هو المخلص و من يفهم كلامه لن يموت و منها أيضا أن من يتبع يسوع يجب أن يلتزم بالتخلي عن العالم الدنيوي و منها أيضا أن عالم الرب هو عالم أكبر من ألزمان.
- المصدر المجهول: هذا المصدر هو مصدر غير مكتوب و إنما يمكن افتراض وجوده من خلال دراسة الأناجيل المعتمدة كنسيا و على الأغلب يحتوي هذا المصدر المجهول الشفهي على كلام يسوع و حكمته و القوانين التي تكلم بها و القوانين التي وضعها من اجل حياة الجماعة و غير ذلك أي أن هذا المصدر لا يحتوي على حياة يسوع و تجولا ته. يسود الاعتقاد أن كتاب الأناجيل اعتمدوا على هذا المصدر عندما قاموا بتدوين أناجيلهم.
- أجزاء من أناجيل غير مكتملة مثل: إنجيل ايغرتون و إنجيل مرقس السري و إنجيل بطرس.
- الأناجيل المسيحية اليهودية: تم العثور على القليل بقايا هذه الأناجيل و تشترك جميعها بكونها لا تعطي صورة واضحة عن يسوع و عن حياته و من هذه الأناجيل إنجيل الناصري و إنجيل ال إيبيونيتي و أنجيل العبري. يُعتقد أن إنجيل الناصري يعود إلى بداية القرن الثاني الميلادي و يُعتقد انه الترجمة الآرامية أو السورية لإنجيل متى. أما إنجيل ايبونيتي فقد تم تدوينه خلال القرن الثاني الميلادي باللغة اليونانية و يُعتقد أنه أنجيل متى ممزوجا بإنجيلي لوقا و مرقس. يختلف هذا الإنجيل عن غيره بكونه يرفض فكرة الولادة من عذراء و يبدأ بتعميد يسوع بكونه ابن الرب. أما انجيل العبري فهو يختلف بعض الشيء عن الأناجيل المعتمدة كنسيا لأنه يحتوي على أفكار غنوصية الأصل. فهو يتحدث بشكل أساسي عن أخ يسوع أي عن يعقوب الذي يمثل هنا حلقة الوصل بين اليهودية و المسيحية. كذلك يختلف هذا الإنجيل عن غيره بتصويره للروح القدس كأم أو كأنثى.

لكن: متى جاء مؤرخو تلك القرون على ذكر هذه الأناجيل الأربعة أو العهد الجديد؟؟؟؟؟
كان المسيحي جوستينوس الفليسوف (الملقب : بالشهيد) أول من ذكر الأناجيل (بدون أن يذكر مصطلح : الإنجيل) و كان ذلك حوالي منتصف القرن الثاني الميلادي فهو تحدث عن أعمال الحواريين و تحدث عن أقوال يسوع التي وصفها بأنها "قصيرة و مختصرة" (و هذا لا ينطبق مع النفس الروائي الطويل في الأناجيل الأربعة).
كون الكاتب المسيحي ايرينوس (النصف الثاني من القرن الثاني) أول من ذكر مصطلح الأناجيل الأربعة يجعل الإعتقاد قويا بأن هذه الأناجيل الأربعة تم اعتمادها خلال النصف الثاني من القرن الثاني كأناجيل كنسية.

خلاصة:
هذه القائمة من المصادر المسيحية من القرنين الأول و الثاني الميلاديين لا تعطينا فكرة واضحة عن يسوع إنما مجموعة من الصور المختلفة التي تختلف حسب الزمن الذي كُتبت به و حسب المكان الذي كُتبت به. كذلك تعطينا هذه القائمة فكرة عن الصراع الذي جرت أحداثه خلال القرون الأولى لنشوء المسيحية بين الجماعات المسيحية المختلفة و التي أدت بشكل أساسي إلى ضياع العديد من وثائق الجماعات التي خسرت هذا الصراع. كذلك تعطينا هذه القائمة من الوثائق فكرة أن الأناجيل لم تُكتب على الصورة التي نعرفها حاليا إنما تعرضت للتغيير و التبديل خاصة في هذه الفترة الزمنية و ما يعزز ذلك ما كتبه الأسقف يوسب من سيزاريا (الذي عاش تقريبا بين العامين 260 إلى 340 بعد الميلاد) في أقدم كتاب عن تاريخ الكنيسة عن الخلافات التي حدثت قبل ضم رؤيا يوحنا اللاهوتي إلى العهد الجديد و عن بعض رسائل بولس التي عارض بعض المسيحيين إدخالها في العهد الجديد. كذلك تحدث الكاتب المسيحي ايرينوس (حوالي نهاية القرن الثاني الميلادي) عن سخافة و طيش الذين يؤمنون بعدد أكبر أو أقل من هذه الأناجيل الأربعة و الذين يريدون إدخال أناجيل أخرى. (ألا يحق لنا أن نتساءل كيف يتحدث عن ذلك إذا كان هناك فقط هذه الأناجيل الأربعة؟؟؟؟؟؟؟؟) من الواضح هنا أن الفرع الكنسي الذي انتصر قام بالقضاء على الأناجيل الأخرى التي كانت موجودة.
ما يعزز فكرة التغيير في الأناجيل هو ما كتبه سيلزوس خلال ثمانينات القرن الثاني الميلادي و هو أحد أعداء المسيحية آنذاك : "هناك بعض المؤمنين الذين قاموا بتغيير و تحوير هذه الأناجيل ثلاث مرات ، بل و أربع مرات من أجل عدم تكذيبها".
استمر هذا الاختلاف في الأناجيل و هذه الفروقات حتى الجزء الثاني من القرن الثالث الميلادي عندما تم اعتماد صيغة نهائية متفق عليه لهذه الأناجيل الأربعة و هذا ما يلاحظه القارئ عندما يرى أن التشابه بين هذه الأناجيل الأربعة يبلغ ثلث إلى نصف هذه الأناجيل.
كذلك فإن الإشارة إلى عدم مصداقية هذه الأناجيل تعود إلى تاريخ تدوينها و تعود بشكل أساسي إلى أنها منقولة عن مصدر أو مصادر أخرى أي أن المدونين لم يعاصروا الأحداث التي يروونها إنما يروونها عن من عاصرها و هذا ما يفسر بعض التناقضات التي نراها في هذه الأناجيل الأربعة. هذه التناقضات التي حاول الكثير من كتبة المسيحية (و منهم يوسب من سيزاريا) تجاوزها بقوله: "على كل حال فإن الأناجيل تقول الحقيقة".
ألا يحق هنا السؤال: لماذا يوجد هذا العدد الكبير من الأناجيل؟؟؟ ألا يكفي إنجيل واحد؟؟؟
أعتقد أن الجواب سيكون أن هذه الأناجيل لم يتم تدوينها لتكون سيرة حياة يسوع إنما تم تدوينه من أجل أن تكون نوعا من البروباغندا و الحملة الإعلامية للدين الجديد و الاختلاف في هذه الأناجيل يعود إلى كونها مكتوبة لجماعات مختلفة و ليس لجماعة واحدة. فعلى سبيل المثال يعتقد العديد من الباحثين أن أنجيل متى تم تدوينه من أجل المؤمنون باليهودية لأن هذا الأمر يفسر اعتماده على تنبؤات العهد القديم بالمسيح و محاولة إدخالها في النص (انظر متى: 5/17: لا تظنوا إني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل.)
أخيرا:
لنقرأ:
"لأني أشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الرب عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. و أن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة يحذف الرب نصيبه من سفر الحياة و من المدينة المقدسة و من المكتوب في الكتاب." رؤيا يوحنا اللاهوتي 22/18 و 19.
ماذا نفهم من هذه التحذيرات و هذه التهديدات من أجل عدم التغيير في الكتاب؟؟؟
الحق أننا نفهم أن التغيير و التحوير في هذا الكتاب و أمثاله من الكتب كان شيئا عاديا و لذلك يحق القول بأن هذه الأناجيل التي نعرفها لم تكن على هذه الشاكلة يوم قام الكتبة بتدوينها للمرة الأولى.




2 - المصادر الغير مسيحية:
خلال القرن الأول الميلادي لم تذكر المصادر الغير مسيحية يسوع و هذا شيء يبعث على الحيرة في ضوء الأخبار المكتوبة في الأناجيل الأربعة عن حياة يسوع و عن تنقلاته و عن معجزاته الكثيرة.
الغرابة في الموضوع أن المؤرخين الرومان و اليهود لم يتركوا شاردة و لا واردة إلا و سجلوها في أوراقهم التاريخية و لكنهم لم يتحدثوا عن تلك المعجزات (المزعومة) التي ملأت فلسطين و جيرانها.
أشهر المؤرخين اليهود الذين كتبوا في القرن الأول الميلادي كانوا فيلون الإسكندري، فلافيوس يوسفوس و يوستوس الطبري.
فيلون الإسكندري: انتماءه العائلي يعود إلى عشيرة الكهنة. رغم أنه كان يهوديا متدينا إلا انه كان محبا للفلسفة اليونانية و لذلك حاول في كتاباته أن يجمع بين الفلسفة اليونانية و بين الدين اليهودي.
الخبر الوحيد الذي كتبه فيلون و الذي قد يكون ذي أهمية في الحديث عن يسوع هو ما كتبه عن "المعالجين" (بمعنى: المحترم) و قد وصفهم بأنهم طائفة يهودية كانت تعيش في الصحراء بالقرب من الإسكندرية (في مصر). هذه الطائفة اليهودية كانت متدينة جدا و كانوا يتجمعون كل 50 يوم للاحتفال في أحد الأعياد الدينية و يتشابهون في ذلك مع طائفة يهودية أخرى تقيم في فلسطين.
أهم من ذلك أراء فيلون الفلسفية التي يمكن اختصارها : الرب هو واحد، هو الأول و هو الدائم و هو الأقوى. هذا الرب يسيطر على الكون بمساعدة ابنه الأول "الكلمة" و هذا الابن هو صلة الوصل بين الرب و بين البشر. طالما أن البشر هم مخطئون لذلك لا يمكن أن يتم خلاصهم إلا عندما يبتعدون عن صفاتهم السيئة الدنيئة. هذا الخلاص لا يمكن أن يتم الا بمساعدة ابن الرب أي بمساعدة "الكلمة".
نلاحظ هنا التشابه الحاد بين فلسفة فيلون الإسكندري و الفلسفة المسيحية التي جاءت فيما بعد و هذا ما يؤكده الكاتب المسيحي أمبروسيوس (القرن الرابع الميلادي) عندما تكلم بكل احترام عن الفيلسوف فيلون. (لذلك لقّب انجلز فيلون الإسكندرية ب "أبو المسيحية").
المؤرخ اليهودي الثاني هو فلافيوس يوسفوس الذي ينتمي أصلا إلى عشيرة الكهنة. أهم أعماله التاريخية هي "تاريخ الحرب اليهودية" و "الآثار اليهودية". في كتابه الأول يتحدث فلافيوس عن الحرب اليهودية ابتداءا من القرن الثاني قبل الميلاد الى تاريح كتابته للكتاب و في الكتاب التاني يتحدث عن تاريخ اليهود من بدايتهم و حتى تاريخ كتابته لهذا الكتاب.
النسخة الموجودة من كتابه الثاني و التي هي نسخة من يد الكهنة المسيحيين تحتوي على الجملة: "في زمن صاحب المدينة بيلاطس، عاش يسوع الإنسان الحكيم ، إذا كان باستطاعتنا أن نسميه إنسانا .... كان هو المسيح".
التحليل البسيط لهذه الجملة يعطينا النتيجة أن هذه الجملة تمت إضافتها فيما بعد إلى النص الأصلي من قبل الكهنة و الكتبة المسيحيون و ذلك من أجل دعم ديانتهم الجديدة. التحليل التاريخي يعطينا الزمن التقريبي لهذا التزوير المفضوح و هو نهاية القرن الثالث و بداية القرن الرابع الميلاديين. و على الأغلب أن يوسب هو الذي قام بذلك اثر نقاش قام بين أورجينيس و سيلزيوس حول صحة الدين المسيحيي و ذلك من أجل ان يثبت صحة الدين المسيحي.
المؤرخ اليهودي الثالث من القرن الأول الميلادي هو يوستوس الطبري الذي كتب "تاريخ ملوك اليهود" و الذي يتحدث عن التاريخ اليهودي حتى نهاية القرن الأول. لم يحفظ التاريخ هذا الكتاب و لكن الكاتب الروماني و أسقف القسطنطينية فوتيوس (تقريبا 820 -891) كتب بما معناه أن يوستوس كتب الكثير من الأشياء المهمة في كتبه و لكنه كيهودي لم يذكر المسيح و معجزاته في كتاباته.
التلمود هو المصدر الوحيد الذي تم فيه ذكر يسوع بالاسم و لكنه يُدعى ب "ابن العاهرة". تم تدوين هذا الجزء من التلمود خلال القرن الثالث الميلادي أي عندما كان الصراع بين الدينين اليهودي و المسيحي على أشده.
أي أن المؤرخين اليهود و على تنوع مصادرهم في القرن الأول الميلادي لم يذكروا يسوع و معجزاته (المزعومة). رغم ذلك فإن دراسة هذه المصادر اليهودية مهمة و ذلك لأنها المصدر الأساسي لشرح الحياة الدينية و التنوع الطائفي الذي نبعت منه المسيحية آنذاك.
كذلك تخلو المصادر الرومانية و اليونانية من القرن الأول الميلادي من أي ذكر ل يسوع و (معجزاته) و طائفته الدينية.
من المهم هنا ذكر الفيلسوف الروماني سينيكا (بين 4 قبل الميلاد و 65 بعد الميلاد) و الذي كان معلم القيصر الروماني نيرون. أهمية سينيكا تكمن في فلسفته التي أوضحها في العديد من كتبه و التي تتحدث عن وجود إله واحد. و من هذه المسلمة وصل سينيكا إلى أن على الإنسان أن يقبل بقضائه و قدره الذي يعود إلى إرادة هذا الإله. قسّم سينيكا البشر الى قسمين حيث أولهما يهتم بمتاح الحياة الدنيا و آخرهما يهتم بالفكر و الحكمة. و هو يعتبر أن أهم صفات الإنسان الحكيم هو الابتعاد عن ملذات الحياة و البحث عن الحكمة و الكمال الروحي.
رغم بعض التناقضات بين أفكار سينيكا و المسيحية إلا أن التشابه في بعضها الآخر واضح جدا و لذلك يسود الاعتقاد أن الفكر المسيحي قد أخذ الكثير من أفكار و فلسفة سينيكا.
في المصادر الرومانية من بداية القرن الثاني الميلادي يوجد ذكر ل يسوع و المسيحيين في كتابات المؤرخين تاكيتوس و سويتون.
كتب تاكيتوس في أخباره عن حرق نيرون ل روما: " ... اتهم نيرون ،من اجل أن لا يبدو متهما، مجموعة من الناس بالحرق و عاقبهم بقسوة. هذه المجموعة من الناس كانوا مكروهين من قبل الشعب لأعمالهم الدنيئة و لذلك كانوا يسمون ب "المسيحيين". هذا الاسم يعود إلى المسيح الذي أعدمه بيلاطس .... تم القبض على هذه المجموعة الكبيرة من الناس، ليس لقيامهم بجريمة الحرق إنما لكرههم للجنس البشري كله."
هذا دليل على وجود المسيحيين في تلك الفترة ذلك أن تاكيتوس و كما يبدو من وصفه لهم لم يكن من اصدقائهم و على ما يبدو أن ذلك يعود إلى الوقت الذي كان يعمل فيه في الجهاز الإداري الروماني في أسيا الصغرى (112-113). و لكن بعض الباحثين يعتقدون أن حدة كلام تاكيتوس عنيفة بعض الشيء في وصف المسيحيين و لذلك سود الاعتقاد أن الكهنة المسيحيون تعلموا من أخطاءهم في تزوير كتابات فلافيوس و قاموا هنا بالتزوير بطريقة مغايرة من أجل إثبات وجودهم في تلك الفترة. فالمصادر التاريخية التي تعود إلى تلك الفترة لم تتحدث و لا بأي شكل من الأشكال عن مجموعة "كبيرة" من المسيحيين الذين كانوا في أحسن الأحوال طائفة صغيرة و مجموعة صغيرة من الناس.. كذلك فإن هذا الكلام اتهام واضح ل نيرون بحرق روما و هذا ما لم يكون نيرون ليسمح بأن يكون في أرشيف المصادر التاريخية التي كتبها المؤرخون.
ذكر سويتوس في كتابه: "حياة القياصرة" في الفصل عن حياة القيصر هادريان خلال الربع الثاني من القرن الثاني الميلادي: "عقوبة الإعدام أصابت المسيحيين ، و هم طائفة جديدة تحمل أفكارا مضرة".
أحد الأسباب التي تدعو إلى الشك في صحة هاتين الملاحظتين التاريخيتين هو أنهما تفترضان وجود مجموعة مسيحية كبيرة في روما أثناء حياة القيصر نيرون و أثناء حرقه لروما حوالي العام 64 .
خاصة و أن هاتين الملاحظتين التاريخيتين تتناقضان مع الوثائق التاريخية و التي تعود إلى حوالي العام 113 و التي هي رسائل بين حاكم إحدى المدن في آسيا الصغرى و القيصر الروماني ترايان، ففي إحدى الرسائل يتساءل الحاكم عما يجب أن يفعله في التعامل مع المسيحيين و يجيبه القيصر الروماني بأنه لا داعي لإجراءات خاصة و لكن يمكن معاقبة من يثبت عليه تهمة الانتماء إلى المسيحيين. و يجب ذكر أن الحاكم أورد في رسالته الكثير من التفاصيل عن عادات المسيحيين و درجة انتشارهم في المدينة التي كان يحكمها. أما صحة هذه الرسائل فتعود إلى ذكرها في مصادر رومانية أخرى تعود إلى القرن الثاني الميلادي. و لذلك يجزم الكثير من الباحثون بأن هذه الرسائل هي أول وثيقة غير مسيحية أي حيادية تتحدث عن وجود المسيحيين.
ابتداءا من النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي تتكاثر المصادر الحيادية عن وجود المسيحيين. فعلى سبيل المثال يذكرهم لوكيان في العديد من أعماله الأدبية و الفلسفية و لكنه لا يذكرهم بالحسن إنما يسخر منهم كما سخريته من أتباع الديانات الأخرى.
سيلزوس الذي كان من معاصري لوكيان وجه كتابه "كلمة حق" إلى المسيحيين خلال سبعينات القرن الثاني للميلاد، هذا المكتاب الذي يتألف من أربعة أجزاء: نقد المسيحية من وجهة نظر اليهودية، نقد المسيحية من وجهة نظر الفلسفة و التاريخ، نقد مباديء المسيحية و برهان توافق و تقارب المسيحية مع الأديان و العبادات السائدة في المنطقة. هذا الجزء الأخير من الكتاب هو الأهم بنظري إذا انه يثبت نشوء المسيحية من خضم الأديان التي سبقتها.
للأسف فإن هذا الكتاب بمجمله لم يتركه التاريخ لنا و لكن ما بقي هو مقاطع كبيرة من الكتاب و هي تلك المقاطع التي استخدمها الكاتب المسيحي أوريجينيس من أجل الرد على هذا الكتاب.

خلاصة:

- حتى بداية القرن الثاني الميلادي لم تتحدث أي وثائق أو مصادر يهودية او رومانية أو يونانية عن وجود الدين المسيحي أو عن وجود الطائفة المسيحية داخل الدين اليهودي. حتى المصادر المسيحية لا تتحدث عن وجود جماعات مسيحية في فلسطين.
- احتمال وجود يسوع كشخصية تاريخية هو احتمال كبير و لكن هذه الشخصية التاريخية تختلف اختلافا كبيرا عن يسوع الذي نرى صورته في أناجيل العهد الجديد الأربعة.
- من المؤكد أن المسيحية نشأت كطائفة بين أتباع الديانة اليهودية بشكل خاص و بين أتباع الديانات الأخرى التي كانت سائدة في فلسطين و المناطق التي كانت تجاورها.
- التجمعات المسيحية بدأت بالتكون بشكل منفصل و من ثم و بعد مرور أكثر من قرن على بداية تشكلها بدأت التجمعات المسيحية بالتعاون مع بعضها.
- منذ البداية قام الكهنة المسيحيون بمحاولات تزوير المصادر التاريخية المحايدة لإعطاء دينهم الحق التاريخي في الوجود.
- الشك يطول جميع المصادر التاريخية المسيحية.
- الشك يطول العهد الجديد بكامله بسبب جهل مصدره الحقيقي و عدم وجود أي إثباتات على صحة المعلومات التي وردت به.
- البحث العلمي في المصادر التاريخية لم يتوقف.
- من الضروري البحث ضمن أفق تاريخية متتالية من أجل الوصول إلى الحقيقة
- من الضروري أن يفتح الجهاز الكنسي خزائنه التي قد يكون قد صادر إليها الوثائق التاريخية من المصادر الحيادية.
- الدين المسيحي لم يتشكل على نفس الشاكلة التي تروج لها الأجهزة الكنسية. و بشكل خاص فإن الترويج الكنسي للملاحقة و للاضطهاد الذي تعرض له المسيحيون الأوائل غير صحيح و يجافي الحقيقة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق